من نوادر العرب..
حكى الأصمعي قال:
ضلت لي أبل فخرجت في طلبها وكان البرد شديداَ ، فالتجأت إلى حي من أحياء العرب وإذا بجماعة يصلون ويقربهم شيخ ملتف بكساء وهو يرتعد من البرد وينشد:
أيا رب إنّ البرد أصبح كالحاَ
................وأنت بحالي ياإلهي أعلم
فان كنت يوما في جهنم مدخلي
.....ففي مثل هذا اليوم طابت جهنما
قال الأصمعي : فتعجبت من فصاحته وقلت له : ياشيخ ماتستحي تقطع الصلاة وأنت شيخ كبير،فأنشد يقول:
أيطمع ربي أن أصلي عاريا
.......ويكسو غيري كسوة البر والحر
فوالله لاصليت ماعشت عاريا
.......عشاءَ ولا وقت المغيب ولا الوتر
ولا الصبح إلا يوم شمس دفيئة
......وإن غيمت فالويل للظهر والعصر
وإن يكسني ربي قميصاَ وجبة
......أصلي له مهما أعيش من العمر.
قال : فأعجبني شعره وفصاحته فنزعت قميصا وجبة كانا علّي ودفعتهما إليه وقلت له البسهما وقم فصل، فاستقبل القبلة وصل جالساَ وجعل يقول :
إليك اعتذاري من صلاتي جالساَ
............على غير طهر موميا نحو قبلتي
فمالي ببرد الماء يا رب طاقة
..........ورجلاي لاتقوى على ثني ركبتي
ولكنني أستغفر الله شاتياَ
............وأقضيكها يارب في وجه صيفتي
وإن أنا لم أفعل فأنت محكم
....بما شئت من صفعي ومن نتف لحيتي.
قال: فعجبت من فصاحته وضحكت عليه وانصرفت.